الأربعاء، 16 سبتمبر 2015

ملاحظاتي على رسالتي (يهم طلبة الماجستير خصوصا)



ملاحظاتي على رسالتي (يهم طلبة الماجستير خصوصا)

تعتبر فترة الماجستير، الدخول الحقيقي الأول للباحث في معمعة الأبحاث، ولذا يكتشف بعد فترة حجم الأخطاء المنهجية التي اتبعها في رسم صورة كتابه، وربما كان ذلك سببا في إحجامه عن طبع الكتاب، وقد تكون كثرتها لا تبعث النشاط لإصلاحها لما يستدعي ذلك من كلفة كبيرة تكون وراء ذلك، فإنها تستهلك جهدا وزمنا؛ فإن تعديل حرف واحد يسبب ارتباك مقطع بكامله مما يستدعي مراجعته في نفس اللحظة، ومراجعة أخرى بعد برهة من الزمان حتى تستشعر مدى وقوع الارتباك، وربما يكون صناعة بحث جديد أقل كلفة من ذلك بكثير.
صحيح أن هناك من الباحثين مَنْ يجسر على طبع كتابه على علاته، لكنك تراهم في مقدماتهم يذكرون ما يشبه الاعتذار عن أوجه القصور فيه، وآخرون يبقون الكتاب على ما فيه من بلايا، لأنهم إلى الساعة لم يتنبهوا إلى حجم الغلط! وقد يكون الباحث نفسه من بلاياه!
وهذه بعض الإشارات، سجلتها أولا على نفسي، وهذا سبب تسميتها بـ "ملاحظاتي على رسالتي"، ثم رأيتُ أن أسلُتَ منها ضمير المتكلم! ثم ركَّبتُ فيها ضمير الغائب! حتى أبسط راحتي في التشنيع عليه!
أتمنى أن تفيد الباحثين الذين يعانون هذه المرحلة، ولعلها تخفف من عبء الأخطاء المتكررة، والتي كان من المفترض أن يكون حضور المشرف إيجابيا في تلافيها، لكنه أحيانا يكون غيابه أفضل من حضوره؛ لأنه قد يكون إحدى علاته!


فإلى هنالك:
1-    لا بد للباحث بعد انتهائه من رحلة الماجستير، أن يعود عليها بعد فترة من الزمن، ليشاهد رسالته، وكأنها كتبت في لحظة ذهول.
2-    ينبغي أن يحصر الملاحظات التي تكون في دائرة الشكل والصورة، والملاحظات التي تنال الجوهر والمضمون، ومن خلال تجربة؛ فإن الأساتذة والباحثين لا يتفاعلون معك في قراءة البحث لاسيما إذا كان طويلا إلا على ندور، ولهذا حل، فعزوفهم عن قراءة بحثك هو لطوله، فيمكنك أن تطلب من ذاك العارف بوزن البحث وشكله وحدوده، استشارة في طريقة إعادة ترتيب البحث، وأن تطلب من فلان المتخصص أن يقوم لك بحثك الرئيس الذي يقع في الباب الثاني.
فالأمر مقلق فعلا، فمن هذا الذي يتفرغ  لقراءة ما بين السطور في مئات الصفحات، فهذا يحتاج تفرغ تام، أو أسابيع طويلة لإنجازه، وإذا كانت أحيانا قراءة المشرف والمناقش مشكوك في أمرها!! فما بالك بغيرهم؟
3-    من المعتاد أن يقع اندفاع في التقرير أو في الدفاع أو في الهجوم، وأحيانا تستشعر مأساة فلسطين في مشكلته! وفتح حطين في إضافته!
وهذا أمر متوقع، وهو يعكس صورة حقيقية للباحث أثناء كتابته للرسالة، وهو شاهد عين على مرحلة من الزمن، لكن يجب أن تمحى عند طبع الرسالة، وعرضها على عقول الناس، فأنت الآن في موضع إضافة إلى المكتبة العلمية، وكنتَ قبل في لحظة عمل وإصلاح وصيانة، ولكل لحظة ظروفها.
4-    كثير من الباحثين يسيرون في مسارات عرضية في البحث، بسبب رغبتهم في حل بعض العقد التي تواجههم، فيستغرقون في فهم المشكلة، ومحاولة حلها، والمفترض بعد ذلك، أن يأخذ القدر الذي يخدم بحثه، ويقتصر عليه، لكن الغالب أن الباحث يعز عليه أن يحذف الجهد الذي بذله، فيبقيه بذيوله!
5-    عدم ترتيب البحث كما ينبغي، فيجب أولا النظر إلى التقسيم الرئيس للكتاب، فلو كان ينقسم إلى خمسة أبواب؛ فهل هذا التقسيم حقيقي لمضمون البحث، وهل هذا التقسيم يساعد على تحقيق هدف البحث؟ فمثلا قد يكون البحث منقسما إلى جزء نظري، وجزء تطبيقي، فيجعل الباحث أربعة أبواب طويلة في القسم النظري وباب يتيم مختزل في القسم التطبيقي.
6-    قد يكون هناك اتساع في إيراد الأمثلة مما يدرجه في الحشو الممل، وقد يكون هناك قصور في عرض الأمثلة،  فيحدث فجوات متعددة في البحث، تكون باعثة لكثير من الأسئلة.
7-    قد يتورط الباحث في التكلف، وقد يكون ذلك سببه قصور في الخطة، أو خلل في التأصيل العلمي في بنية الباحث.
8-    لغة إنشائية في بعض المواضع، واستطراد في مواضع أخرى.
9-    المبالغة في تجفيف الكلمات، رغبة في إضفاء الجدية فيه، وهذا بدوره يضفي عليه الكآبة، وربما الانغلاق.
10-        التطويل في التراجم وعدم الانضباط في ضابط المترجم لهم، وفي قدر الترجمة، وفي شكل الترجمة.
11-        التكرار.
12-        ولعلك تقول: لقد تعبت وأرهقت، وسئمت، وبلغ مني الملال مبلغه؛ فكلما قرأت أخذتُ أعدِّل، فإلى متى؟ أما هذه فنعم، وهي صورة إيجابية على تجدد روح الباحث، أما التعديل والإضافة فهي سيما التصنيف، وعلى هذا جرى المؤلفون، وأبى الله الكمال إلا لكتابه.

هناك تعليق واحد:

  1. بارك الله فيك دكتورنا الحبيب استفدت كثيرا من موقعكم والله.

    ردحذف